CHAIRMAN: DR. KHALID BIN THANI AL THANI
EDITOR-IN-CHIEF: DR. KHALID MUBARAK AL-SHAFI

Views /Editor-in-Chief

1000 يوم .. وقصة تحويل التحديات الى إنجازات

Dr. Khalid Al-Shafi

27 Feb 2020

 

بقلم د. خالد آل شافي  |  رئيس التحرير
 
التاريخ يقول إن قطر تعرضت للعديد من المؤامرات والمضايقات في محيطها السياسي والجغرافي منذ مطلع القرن التاسع عشر. والتاريخ يقول أيضا إن قطر خرجت من كل تلك التجارب وهي أكثر قوة ووعيا بواقعها السياسي وعلاقاتها الخارجية وتعاونها مع المجتمع الدولي. 
   واليوم وقد مضى على الحصار 1000 يوم نستلهم عبر السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والتاريخ في قراءة الواقع قراءة متأنية والخروج بالعبر المفيدة والاستعداد للمستقبل على سند من الحقائق والوقائع والطموحات.
   عندما قادت دول الحصار حملتها الجائرة على دولة قطر كان هدفها محاصرة قطر سياسيا وعزلها عن دورها الفاعل كدولة مؤثرة في دعم الاستقرار العالمي ودعم الشعوب المتأثرة بالنزاعات السياسية ومحاربة الإرهاب الدولي ومحاربة التطرف من خلال رؤية قطرية استراتيجية محورها الاعتماد على التنمية البشرية وتوسيع قاعدة التعليم. 
   وقد عملت قطر على توسيع قاعدة تعاونها الاقتصادي والاستثماري بصورة مدروسة ومخطط لها مما اثار دول الحصار فسعت من خلال سياساتها الجائرة الى محاولة إيقاف هذه المسيرة الاقتصادية والاستثمارية. وفي المسار الدبلوماسي نشطت الدبلوماسية القطرية في حل النزاعات وأصبحت وسيطا موثوقا في الملفات الدولية الساخنة بين القوى المؤثرة في العالم. لذلك كان هدف دول الحصار محاصرة هذه المسيرة الدبلوماسية الراشدة. وعلى صعيد الانفتاح الدولي عقدت قطر العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية في وقت ظلت فيه هذه الدول ترزح تحت معوقات سياساتها الخارجية غير المتزنة والتي تسببت في حروب ونزاعات وخلافات لازالت تدفع ثمنها.
   اليوم وبعد مضى 1000 يوم على الحصار ، نأتي لنقف على الحقائق بالعين المجردة على ارض الواقع.. قراءة تعتمد على السؤال الصريح، ماذا أرادت دول الحصار وماذا فعلت قطر؟
   تقول الحقائق: ان دول الحصار ارادت عزل قطر عن مجتمعها الدولي فاذا هي أكثر انفتاحا وتوسعا ، فسعت الى شل قدرتها السياسية والدبلوماسية فاضحت اكثر قبولا وتأثيرا ، وتوقعت وقوعها في أزمات اقتصادية فاذا بها الدولة الأسرع نموا والأكثر تطورا في المؤشرات الدولية ، وتمنوا فشلها في استضافة كاس العالم فاذا بإنشاءات كاس العالم مكتملة قبل البطولة بعامين،  وأرادوا خنقها بمنع المواد الغذائية والاستهلاكية فاذا بالسوق القطري يكتفي ذاتيا بالعديد من المنتجات الغذائية والاستهلاكية. فعلا انه التطبيق الفعلي الفريد لنظرية تحويل التحديات الى إنجازات.  
   ولا يمكن لهذا المقال ان يحصر ما حققته قطر سياسيا ولكن يكفي الحديث عن الدعوة الشجاعة التي قادتها دولة قطر لإصلاح الأمم المتحدة وتمكينها بدعم توجهاتها الإنسانية والسياسية في تحقق السلم العالمي، ويكفي وقوفها الى جانب الشعوب المتأثرة بالحروب والكوارث الطبيعية والزلازل والفيضانات. وظلت دول الحصار حبيسة صراعاتها المفتعلة في حروب عبثية لا فائدة ترجى من ورائها.
وحققت الدبلوماسية القطرية الكثير من العطاء للبشرية في مجالات حل النزاعات والتسوية السياسية والحوار ليس فقط بعقد مؤتمرات الحوار واستضافة ورعاية المباحثات المباشرة بين الفرقاء، بل بتأمين الحياة الكريمة للشعوب المتأثرة بتلك النزاعات دون هدف ولا مصالح ذاتية، مما جعل دولة قطر نموذجا للدولة ذات الثقل السياسي المفيد للشعوب. وبالفعل شهدت الأمم المتحدة لقطر بهذا الدور الإنساني الكبير الذي يمثل أحد الاجندة الرئيسية للمنظمة الدولية. ووضعت قطر الأسس والمبادئ التي تعزز السلام العالمي ومكافحة التطرف بنشر التعليم بين شعوب العالم من خلال مبادرة علم طفلا التي أنجزت ملفا تاريخيا بتعليم أكثر من 10 ملايين طفل حول العالم بالإضافة الى توفير العديد من فرص العمل لشباب الدول النامية. وقامت الجمعيات القطرية الخيرية بحملات إنسانية كبرى لتوفر الغذاء والدواء والتعليم والمساعدة في مواجهة فصل الشتاء القارس.
والملف الاقتصادي هو المحطة الأبرز في هذه المسيرة الرشيدة، فقد أرادت دول الحصار اضعاف الاقتصاد القطري وإيقاف نموه ومنعه من الاستمرار في التفوق على المؤشرات الاقتصادية في المنطقة، لكن الذي حدث ان الاقتصاد القطري وبعزيمة الرجال والتخطيط السليم حقق نموا مستمرا وتغلب على التحديات العالمية التي اقعدت العديد من دول المنطقة على رصيف الانتظار بحثنا عن حلول للازمات الاقتصادية المتصاعدة.
ومضى الصندوق السيادي القطري وفي خطوات موثوقة لأبرام العديد من الصفقات الاقتصادية والاستثمارية الناجحة، وفشلت كذلك الحرب غير القانونية التي شنتها دول الحصار على الريال القطري فحافظ على موقعه المتميز كعملة قوية مدعومة باقتصاد قوي.
توقعت دول الحصار وقوع قطر في أزمة في المواد الاستهلاكية خلال أسبوع بعد بدء الحصار، لتزداد شيئا فشيئا مع مرور الوقت مما يدخلها في ضغوط اجتماعية واقتصادية لا حلول منظورة لها، وفات على دول الحصار ان البنية التحتية القطرية في الموانئ والمطارات والنقل البحري قادرة على حل المشكلات اللوجستية في وقت وجيز. ولان سياسة قطر قائمة على التخطيط السليم فقد انطلقت الدولة باتجاه توفير البدائل المحلية في كافة القطاعات وساعدها على نجاح هذه السياسة عزيمة وطنية شعبية وولاء ووفاء بين الشعب والقيادة كانت نتيجته انهيار نوايا الحصار السيئة وانتصار الإرادة القطرية القوية والساعية الى تعزيز الهوية وحماية السيادة.

انها مسيرة 1000 يوم من الحصار بمفهومه السياسي الواقعي لكنها 1000 يوم من العطاء للوطن والوفاء لقيادته وتقديم النموذج الوطني الحقيقي على خطى المؤسس